ضجعة الموت رقدة من ديوان سقط الزند يرثى فيها فقيها حنفيا
|
تمثال أبو العلاء المعرى
مدينة معرة النعمان
أدلب - سوريا |
- أبو العلاء المعري شاعر الفلاسفة و فيلسوف الشعراء (973 : 1057) هو صاحب "رسالة الغفران" التى أثرت فى رجال الغرب قبل الشرق هو أحمد بن عبد الله بن سليمان القضاعي التنوخي المعري (363 هـ - 449 هـ)، (973 -1057م)، شاعر وفيلسوف وأديب عربي من العصر العباسي، ولد وتوفي في معرة النعمان في الشمال السوري. لقب بـرهين المحبسين بعد أن اعتزل الناس لبعض الوقت .
- فقد بصره في الرابعة من العمر نتيجة لمرض الجدري. بدأ يقرض الشعر في سن مبكرة حوالي الحادية عشرة أو الثانية عشرة من عمره في بلدته معرة النعمان ،عاش المعري بعد اعتزاله زاهداً في الدنيا، معرضاً عن لذاتها، لا يأكل لحم الحيوان حتى قيل أنه لم يأكل اللحم 45 سنة، ولا ما ينتجه من سمن ولبن أو بيض وعسل، ولا يلبس من الثياب إلا الخشن ، حتى توفي عن عمر يناهز 86 عاماً، ودفن في منزله بمعرة النعمان.
- يرثى "ابو العلاء المعرى" فى قصيدة ضجعة الموت رقدة الفقيه أبى حمزة الذى توفى فى شبابه.
- قال أديب العربية طه حسين عن تلك القصيدة : (أعتقد أن العرب لم ينظموا في جاهليتهم وإسلامهم، ولا في بداوتهم وحضارتهم قصيدة تبلغ مبلغ هذه القصيدة في حسن الرثاء).
- و قال عنهاالعقاد : (لم ينظم مثلها في لغة العرب، ولا نذكر أننا اطلعنا في شعر العرب على خير منها في موضوعها).
غير مجد، فى ملتى و اعتقادىى
نوح باك و لا ترنم شاد
و شبيه صوت النعى
إذا قيس بصوت البشير فى كل ناد
أم غنت على فرع غصنها المياد
صاح ! هذى قبورنا تملأ الرحب
فأين القبور من عهد عاد
خفف الوطء !
ما أظن أديم الارض إلا من هذه الأجساد
و قبيح بنا ، و إن قدم العهد
هوان الاَباء و الأجداد
سر إن اسطعت فى الهواء رويدا
لا اختيالا على رفات العباد
رب لحدا قد صار لحدا مرارا
فى طويل الأزمان و الاَباد
عمن أحسا من قبيل و اَنسا من بلاد
فما أعجب إلا من راغب فى ازدياد
أضعاف سرور فى ساعة الميلاد
ضجعة الموت رقدة يستريح الجسم فيها
أو عدن قليل العزاء بالإسعاد
فأنتن اللواتى تحسن حفظ الوداد
ما نسيتن هالكا فى الاوان الخال
- الهديل هو ذكر الحمام وقيل انه طائر كان على عهد نوح عليه السلام صاده جارح من الطير فما من حمامة الا وهي تبكي عليه الى اليوم وهذا من خرافات العرب.
- قبيلة إياد أقدم قبائل العرب التى سكنت العراق و قد اجلالهم كسرى عن ديارهم ، و اياد هو الابن الثالث من أولاد نزار بن معد بن عدنان و هو الجد الثامن عشر للنبى محمد عليه السلام ، فنسب نبينا الكريم المتفق على صحته هو :-
- سيدنا ونبينا محمد سيد الأولين والآخرين وخاتم الأنبياء والمرسلين ابن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصى بن حكيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
- وقد نقلت لنا الرويات والسير مسير اياد مع اخوته الى نجران للتحكيم حول قضية الارث الذي لحقه من أبيه نزار وما جرى له ولاخوته من مواقف طريفة وأقوال تنم عن ذكاء وفطنة فطرية.
بيد أنى لا أرتضى ما فعلتن
فتسلبن و استعرن جمعيا
و اندبن بشجو مع الغوانى الخراد
- يقول لهن ان من علامات الحزن نزع الحلى ، و انتن ما تزال أطواقكن فى أعناقكن ، و الاطواق نوع من الحلى ، و الثكل يقضى بنزعها ، فتسلبن ، تسلبت المراة الثكلى اى نزعت ثيابها و لبست سوادا ، و الخراد هم الحسان و الواحدة خريدة.
قصد الدهر من أبى حمزة الاواب
و فقيها أفكاره شدن للنعمان
قليل الخلاف سهل القياد
و خطيبا لو قام بين وحوش
علم الضاريات بر النقاد
- الاواب : الراجع الى الله ، الحجى : العقل ، الخدن : الصديق ، الاقتصاد: ضد الاسراف.
- النعمان فهو الفقيه ابو حنيفة ، اما زياد فهو النابغة الذبيانى مداح النعمان بن المنذر ، اى انه شاد للنعمان الفقيه من الذكر و الشرف بلطف افكاره ، مالم يشذه النابغة للنعمان الممدوح بحسن اشعاره فى مدحة ثلاثة ملوك بهذا الاسم.
- العراقى : أبو حنيفة ، الحجازى : الشافعى احد اصحاب المذاهب الفقهية.
النقاد : صغار الغنم
راويا للحديث لم يحوج المعروف
من صدقه الى الأسناد
أنفق العمر ناسكا يطلب العلم
ذا بنان ، لا تلمس الذهب لاحمر
القليب : البئر و قليب الزجاج أرد به المحبرة. الغروب : الواحد غرب : الدلو ، اليراع : القلم ، المداد : الحبر.
العسجد : الذهب ، المستفاد : المكتسب.
ذاك الشخص إن الوداع أيسر زاد
و اغسلاه بالدمع ان كان طهرا
و ادفناه بين الحشا و الفؤاد
و احبواه الأكفان من ورق المصحف
و اتلوا النعش بالقراءة و التسبيح
- الحفى : الصاحب المبالغ فى الحفاوة و العناية.
احبواه : اعطياه . الابراد : الواحد برد و هو الثوب
طالما اخرج الحزين جوى الحزن
الى غير لائق بالسداد
مثل ما فاتت الصلاة سليمان
فأنحى على رقاب الجياد
و هو من سخرت له الانس و الجن
بما صح من شهادة صاد
- قوله فاتته الصلاة : أن سليمان ابن داود كان قد تشاغل بعرض الخيل التى أصابها حين غزا أهل نصبييين و دمشق ، و عددها الف فرس ، و قيل بل خرجت من البحر لها أجنحة ، فقعد يوما بعد ما صلى الأولى على كرسيه واستعرضها ، فلم تزل تعرض عليه حتى غربت الشمس ، و غفل عن العصر ، فاغتم لما فاته ، فاستردها وعقرها مقربا لله تعالى ، و بقيت مائة ، فما فى ايدى الناس من الجياد فمن نسلها.
- يستوحى الحكاية القرانية فى الاية الكريمة:-
"إنى أحببت حب الخير عن ذكر ربى حتى توارت بالحجاب ، ردوها علىّ وطفق مسحا بالسوق والأعناق".
أما صاد فهى السورة رقم ( ٣٨ ) فى القران الكريم.
خاف غدر الانام فاستودع الريح
و قد أيقن ان الحمام بالمرصاد
- يستوحى الحكاية من الآية الكريمة: " ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب "
يذكر التبريزى أن سليمان كان يؤثر أن يكون له أولاد فلم يرزق إلا واحدا ، فخشى عليه الآفات ، ولم يثق بأحد من الناس أن يسلمه اليه ، فدفعه الى الريح لتغدوه و تربيه ، فذكروا أن الريح حضنته تغدوه تر العهاد و هى الأمطار التى يتبع بعضها بعضا وأنها ألقته على كرسيه جسدا ، أى شيطانا ، وقيل ملكا أو ميتا ولم ينفع بحذره عليه ، كما استوحى النص القرآنى " ان ربك لبالمرصاد" ، أما أم اللهيم و الناد فمن اسماء الداهية او كنية الموت لالتهامه الخلق و يريد ان الريح لم ترد الموت عن ولد سليمان.
وانتهى اليأس منك و استشعر الوجد
هجد الساهرون حولك للتمريض
أنت من أسرة مضوا غير مغرورين
- التفت الى مخاطبة المرثى ، تقضى : انقطع او انتهى.
هجد: سهر ، الضماد : ان تتخذ المراة خليلين و ارد بذات الضماد الدنيا.
لا بغيركم الصعيد و كونوا فيه
مثل السيوف فى الاغماد
فعزيز على خلط الليالى
كنت خل الصبا فلما أرد البين
وافقت رأيه فى المراد
- الرم : العظام الباليه ، الهوادى : الاعناق.
الضمير فى ارد عائد الى الصبا.
و رأيت الوفاء للصاحب الاول
من شيمة الكريم الجواد
و خلعت الشباب غضا
فيا ليتك أبليته مع الانداد
فاذهبا خير ذاهبين حقيقين
بسقيا روائح و غواد
- فاذهبا : ثنى الضمير لانه يخاطب الصبا و المرثى.
زحل اشرف الكواكب دارا
و لنار المريخ من حدثان الدهر مطف
و الثريا رهينة بافتراق الشمل
فليكن للمحسن الاجل الممدود
و ليطب عن اخيه نفسا
و ابناء اخيه جرائح الاكباد
- المحسن : اخو الميت ، و الشاعر يدعو له بطول البقاء.
وإذا البحر غاض عنى و لم أرو
كل بيت للهدمما تبتنى الورقاء
و الفتى ظاعن و يكفيه ظل السدر
ضرب الاطناب و الاوتاد
بان امر الاله و اختلف الناس
و اللبيب اللبيب من ليس يغتر
- الثماد : الواحد ثمد و هو الماء القليل
السدر : شجرة النبق.
ارد بالحيوان المستحدث من جماد : ادم الذى جلبه الله تعالة من تراب.